تواجه العلاقات الاقتصادية العربية اليوم اخطر ازماتها واحرج مساراتها، وهو امر يستدعي من الاقتصاديين والمفكرين العرب بذل المزيد من الجهد لتحليل الاسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الظاهرة، وطرح المقترحات الكفيلة بمعالجتها وتصحيح مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك وتعزيزها، ان العلاقات الاقتصادية العربية قد عبرت عن ذاتها باشكال مختلفة من التعاون وبمنهجيات متنافرة احيانا،
وقد تبلورت التجربة العربية في صورة انشاء الاجهزة الاقتصادية الفنية وما انبثق عنها من اتفاقيات شكلت بدورها ادوات العمل الاقتصادي العربي المشترك في اطار جامعة الدول العربية منذ انشائها وحتى الان، والمتمثلة بالاتفاقيات التجارية العربية الجماعية والثنائية، ومن خلال متابعة تطور العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية والخاصة بالاتفاقيات الجماعية منذ تاسيس الجامعة وحتى الوقت الحاضر، نلاحظ وبشكل واضح ان هنالك قصوراً في النظم الاقتصادية العربية في فهم جوانب تلك الاتفاقيات فضلا عن ذلك مزج العمل السياسي بالعمل الاقتصادي وعدم الفصل بينهما بحده الادنى، حيث ان الفصل بين السياسة والاقتصاد من شانه ان يساعد على الوصول الى وحدة اقتصادية عربية كاملة.
ولقد بدأت الدول العربية في الواقع العملي تعاني بدرجة كبيرة ومتزايدة من الاثار السلبية الخطيرة للاوضاع العالمية عندما وجدت كل دولة نفسها منفردة في مواجهة التكتلات الاقتصادية الكبيرة الاوربية وغيرها، وقد كان ذلك الامر حافزا وعاملا اساسيا في بعث قناعات جديدة بمسلمات قديمة حول حتمية العمل العربي الاقتصادي المشترك.
وقد كان نتيجة هذه القناعات ان توصلت الى اعلان منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى اذ تعد هذه المنطقة في نظرية التكامل الاقتصادي من ابسط الصيغ وادناها مرحلة في أي مشروع للتكامل، فهي تمهد للانطلاق الى مراحل اكثر تقدما في مدارج التكتل والاندماج الاقتصادي ولا تثير منطقة التجارة الحرة بين دولتين او اكثر على مستوى الاقليم الى تعقيدات فنية او قانونية في التطبيق كما تثيرها مرحلة السوق المشتركة او الوحدة الاقتصادية.
ان منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى قد انعشت الامال مجددا لاحياء مشروعات التكامل الاقتصادي في اطار جامعة الدول العربية ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية وتم اعلان قيام هذه المنطقة، كما تمت الموافقة على البرنامج التنفيذي لاقامتها اذ يتم تحرير تبادل كافة السلع العربية بين الدول الاطراف في المنطقة وفقا لمبدأ التحرير التدريجي الذي بدأ تطبيقه مع مطلع عام 1998، ويستكمل خلال سبع سنوات بعد تخفيض المرحلة الانتقالية للمنطقة.